ماذا قال التاريخ؟.. بل ماذا قال الشعر وهو يؤرخ لسابقة علمية ذللت الصخرالمسبطر، وحطمت كبرياء الجبل المشمخر..
كرا .. الجبل الذي ظل دهراً يتنكب الصاعدون والهابطون بسنان صخوره الحادة.. والعقبة الكأداء التي تجفل منها الماشي وتعوذ منها الراكب.
التاريخ يعيد نفسه كما يقولون، ففي العام 1385ه، يرعى جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله حفل افتتاح طريق جبل كرا.. طريق السيارات الذي جاء أسطورة فوق سطوة هذا الجبل العنيد..
وبعد مرور 37 عاماً، يرعى سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في ذلك الوقت حفل افتتاح طريق آخر.. إنه طريق عبور هذا الجبل من الفضاء.. من أعلى ؟
وعندما تغنى الشعر قبل 37 عاماً بتحطيم أسطورة كرا براً.. فنحن ننتظر من هذا الشعر غناء جديداً يؤرخ لهذا الفتح المبين الذي جاء من الفضاء.
ومن عيون الشعر في تحطيم أسطورة كرا وهو كثير هذه القصيدة التي أنشأها الشاعر الكبير الشيخ محمد صالح قزاز رحمه الله الذي توفي عام 1409ه وقد كان أميناً عاماً لرابطة العالم الإسلامي بعد الشيخ محمد سرور الصبان رحمهما الله.
والقصيدة منشورة بمعجم (الشوق الطائف حول قطر الطائف) لمؤلفه الأستاذ/ حماد بن حامد السالمي، القسم الثاني ج2 ص1245.
يقول الشاعر مقدماً لقصيدته:
هذه أبيات قلتها بمناسبة الانتهاء من فتح الطريق عبر جبل كرا الذي قام به الشيخ محمد بن لادن، بتوجيه من صاحب الجلالة الملك فيصل.. وقد تم العمل في هذا المشروع في أوائل عام 1385ه، وأقيم احتفال كبير لهذه المناسبة في 3 صفر (85ه) برئاسة صاحب الجلالة الملك فيصل حفظه الله..
قلت مخاطباً الجبل:
أيها المشمخر ويحك خبّر
بالذي شق فيك درباً وعبد
والذي خطط الطريق وسوّى
في ثناياك جادة تتصعد
والذي ذلل الصعاب وأمضى
فيك أمراً به الإله توعّد
والذي حطّم الصخور فمادت
وغدت صفصفاً وهي تبدّد
يعبر الركب متنه دون خوف
إن مشى هابطاًً وإن هو صعّد
يتمطى عبر الحبال وئيداً
إن غدا متهما وإن هو أنجد
أيها الصاعد المغذ تمهل
واقتصد في المسير (فالعود أحمد)
يوم كنا نسير فيه الهوينا
ثم صرنا نعدو عليه ونصعد
أيهذا التاريخ بالله حدث
بالذي قد رأيت لا تتردد
وعلى صفحة الخلود فسجل
صادق القول عنك يروى ويسند
هل هي الجن من (سليمان) جاءت
فهوى شامخ ومُزقَ جلمد
أو هو السحر حول الصخر تُرباً
لا ولا ذاك بل هو العلم والجد
بل هو الرأي والعزيمة والصبر
وذو الرأي فضله ليس يُجحد
رائد الخير فيصل من تسامى
فوق هام العلى على كل فرقد
نعمة الله أسبغت للبرايا
منجزات تحققت لمحمد
أيها الشامخ الأبي لقد عش
ت قروناً ينوء عن حصرها العد
مسبطراً تختال في كبرياء
فإذا جاءك النذير يُهدد
مشرعاً رمحه سقطت صريعاً
مثخناً بالجراح يومك أسود
فترنح (أيا كرا) في صغار
تحت وطي الحديد قد خانك الجد
يعمر الله فيك للناس درباً
كان حلماً فصار أمراً مؤكد
عمل صالح ونفع كبير
يشهد الله والخلائق تشهد
06/05/2024 08:19